الدكتور باكري سامب – مدير معهد تمبكتو لدراسات السلام
بقيادة الرئيس الجمعية الوطنية، قام وفد من البرلمانيين السنغاليين بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في 19 مايو 2025، وتشكل هذه الزيارة خطوة أساسية في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين حيث إن السنغال تبحث عن شركاء ومستثمرين لنهضتها، بينما تسعى الإمارات إلى ترسيخ وجودها في غرب أفريقيا. وركزت المناقشات التي جرت بين البرلمانيين السنغاليين وكبار المسؤولين الإماراتيين داخل المجلس الوطني الاتحادي على القطاعات الاستراتيجية، مثل الاقتصاد والطاقة والزراعة وتبادل الخبرات في مجال الإدارة الرشيدة والسياسات العامة، بهدف التوصل إلى إمكانية وضع استراتيجية تعاونية أعمق وأثمر للطرفين. إن النموذج الإماراتي يتميز بالتحديث السريع والاستقرار السياسي ويشكل مثالا يحتذى به وموضع استلهام للقادة. وتتصادف هذه الزيارة مع بداية تنفيذ رؤية السنغال 2050 التي تَهدِف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز المؤسسات. وتنظر الإمارات العربية المتحدة إلى السنغال كبوابة للتوغل إلى غرب أفريقيا وسوق متنامية ومتعددة الفرص.
وعلى الصعيد الاقتصادي، استثمرت دبي في العديد من القطاعات في السنغال، وخاصة في ميناء داكار وميناء ندايان من خلال شركاتها مثل موانئ دبي العالمية، مما عزز دورها كمركز لوجستي. ومن المحتمل أن تطلق مشاريع جديدة في مجالات البنية التحتية أو السياحة أو التقنيات الرقمية، وهي المجالات التي تتفوق فيها على العديد من الدول. وفي الحين نفسه، توفر السنغال قوة عاملة شابة، وسوقًا ديناميكية، وموقعًا جغرافيًا استراتيجيًا تفتح لها جميع الأبواب الاستثمار والفرص السانحة. وتشكل الطاقة مجالا آخر ذا أهمية استراتيجية، علما بأنه في ظل الاكتشافات الأخيرة للغاز والنفط في السنغال، فإن الخبرة الإماراتية في مجال الهيدروكربونات قد تسهل نقل التكنولوجيا. ويجدر بنا أن نضيف إلى ذلك أنه يشترك كلا البلدين في الاهتمام بالطاقة المتجددة، ويمكن لمثل مبادرة "مصدر" الإماراتية الرائدة في مجال الطاقة النظيفة، أن تدعم السنغال في تطوير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بما يتماشى مع طموحاتها في مجال التحول في مجال الطاقة. وتوفر الزراعة، التي تعد حيوية لتوفير فرص العمل والأمن الغذائي في السنغال، آفاقا جديدة أيضا.
نظرا إلى أن الإمارات تواجه تحديات المناخ وتستثمر في الزراعة المستدامة بالخارج، من الممكن أن يساهم تعاونها مع السنغال في تحديث تقنيات الري وتحسين سلاسل القيمة وتعزيز الصادرات السنغالية إلى أسواقها. ولا يخلو هذا التعاون من العوائق، لكن الاختلافات الثقافية وفي مجال الحكم تتطلب اتباع نهج متوازن. وسيتعين على السنغال أن تعمل على أن تفيد شعبها بثمرات هذه الشراكات، وتجنب الاعتماد المفرط على رأس المال الأجنبي. ومن ثم فإن شفافية الاتفاقيات وإشراك أصحاب المصلحة المحليين سيكونان حاسمين لتحقيق شراكة دائمة. إن التجربة الإماراتية في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز قيم التسامح والحوار بين الأديان، إلى جانب النموذج السنغالي للتعايش السلمي، توفر فرصة للدول العربية والأفريقية للاستلهام منها في سياق دولي يتسم بالإرهاب وانعدام الأمن. وهذه وجهات النظر تتماشى تماما مع الخطة الوطنية التنموية للسلطات السنغالية الجديدة، بما يستفيد بها الدولتان الشقيقتان.