
Sacré-Coeur 3 – BP 15177 CP 10700 Dakar Fann – SENEGAL.
+221 33 827 34 91 / +221 77 637 73 15
contact@timbuktu-institute.org
الدكتور باكري سامب / مدير معهد تمبكو – المركز الأفريقي لدراسات السلام
إن العلاقات المتينة التي تربط السنغال بموريتانيا والمتجذرة بفضل القرب الجغرافي والثقافي والتاريخي وحسن الجوار، تتوطد وتتعزز مع صعود الهيدروكربونات واستغلال غاز جراند تورت أحميم (GTA) المشترك بين البلدين. وتمثل الزيارة المشتركة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والرئيس السنغالي بسير جوماي فاي إلى منصة المشروع المذكور في 22 مايو 2025، مرحلةً حاسمةً في هذه الشراكة، حيث إنها تؤكد - إلى جانب تحديات الطاقة والتحديات الإقليمية - على ضرورة تعزيز التعاون الثنائي من أجل التنمية المشتركة والمستدامة. في الحقيقة، يُعد حقل جراند تورت أحميم مشروعًا رمزيًا للتعاون الإقليمي منذ أن اكتشفته شركة كوزموس للطاقة عام 2015، ويحتوي على ما يقرب من 450 مليار متر مكعب من الغاز، تستغله شركات بي بي وكوزموس والشركة الموريتانية للهيدروكربونات (SMH) والشركة السنغالية للنفط.
ومع بداية إنتاج الغاز الطبيعي المسال في يناير 2025 وتصديره في أبريل 2025، رفعتِ الاتفاقيةُ الموقعةُ مكانةَ البلدين كمصدرتين للغاز الطبيعي المسال في إفريقيا. ومع إنتاج متوقع يبلغ 2.5 مليون طن سنويًا، سيحقق هذا المشروع إيرادات ضخمة، سيتم تقسيمها بالتساوي بين البلدين وفقًا لاتفاقية عام 2018. ويُلاحظ جميع المراقبين التزامه موريتانيا والسنغال بإدارة هذا المورد بشفافية وتوازن. ووفقًا للبيان المشترك، تمثّل هذه الزيارة المشتركة بين رئيسي الدولتين "خطوةً هامةً في التعاون في مجال الطاقة" بين موريتانيا والسنغال، والعمل بالعدالة في هذه الشراكة، كما يذكر الرئيس الموريتاني الذي لا يزال يؤكد الرغبة المشتركة في توصيل الخيرات إلى الشعبين الشقيقين.
إن الزيارة المشتركة بين الرئيسين والتي تم إجراؤها في 22 مايو 2025، جزء لا يتجزأ من سلسلة من الزيارات رفيعة المستوى التي تُظهر رغبة البلدين في تعزيز علاقاتهما، حيث إنه في 18 أبريل 2024، اختار الرئيس جوماي فاي – وهو انتُخب جديدا على راس البلاد- جمهورية موريتانيا لتكون أول دولة تقيم فيها زيارة رسمية. وفي اجتماع آخر، عُقد في 11 نوفمبر 2024، في الرياض على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي، تحدث الزعيمان عن التزامهما بتكثيف التنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك إدارة منطقة التجارة الحرة الكبرى.
ونحن نرى أنه لتعظيم فوائد استغلال الغاز وتوطيد شراكتهما، يتحتم على كل من موريتانيا والسنغال تعميق تعاونهما وتوصيلها إلى نطاق أوسع، وتُعد الإدارة الرشيدة في مجال الغاز ذات أهمية بالغة يجب أخذها في الاعتبار، كما أن إنشاء أمانة سنغالية موريتانية، كما نوقشت في عام 2025، يساهم في ترسيخ التنسيق وتعزيز التعاون.
في ظل التحديات التي تواجه البلدين، يجب على كل منهما الاستثمار في التدريب والبنية التحتية لتحويل الإيرادات إلى تنمية مستدامة، لا سيما من خلال قطاعات مثل البتروكيماويات والطاقة. ويضاف إلى ذلك أنه تتطلب التوترات السابقة كالتي حدثت في قطاع صيد الأسماك، إدارةً أكثر تنسيقًا للموارد المشتركة لتجنب أي صراعات محتملة. غير أنه، من المؤكد أن البعد التاريخي والثقافي لهذه العلاقة يُشكل ضمانًا لاستدامة العلاقات لأنهما مرتبطتان بالعلاقة الروحية والثقافية قبل أي علاقة أخرى ، بما فيها الاقتصاد. هذه العلاقات، التي استطاعت تجاوز جميع الأزمات العابرة السابقة، تتعزز باستمرار بفضل الأساس المشترك الذي يستمد جذوره من أعماق التاريخ المشترك.