الهجوم الإسرائيلي على قطر: اعتداء على رمز السلام والحوار

 

د. بكاري سامب، رئيس ومؤسس معهد تمبكتو - المركز الأفريقي لدراسات السل 

في 9 سبتمبر 2025، نفذت إسرائيل غارة جوية على الدوحة، مستهدفة قادة من حركة حماس خلال مناقشات لوقف إطلاق النار. أسفرت الغارة عن مقتل خمسة من أعضاء الحركة، بمن فيهم ابن مفاوض بارز، وضابط أمن قطري، إلى جانب إصابات مدنية. هذا الفعل، الذي يمس سيادة دولة عربية وإسلامية، يثير قلقاً عميقاً بشأن احترام القانون الدولي ويهدد الاستقرار الإقليمي.

إن دولة قطر، كرمز للسلام والحور، أثبتت نفسها كوسيط دولي موثوق. فقد نجحت في التوسط لإبرام اتفاقيات وقف إطلاق النار في غزة مرتين، الأولى عام 2023 والثانية في 2025، بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة، مما خفف معاناة الفلسطينيين وساهم في إنقاذ آلاف الأرواح. كما قادت قطر وساطات ناجحة خارج المنطقة، مثل التوسط بين الولايات المتحدة وطالبان في أفغانستان، مما أدى إلى توقيع اتفاق الدوحة عام 2020، الذي مهد لانسحاب القوات الأمريكية. وفي السودان، دعمت قطر مفاوضات السلام بين الحكومة والجماعات المسلحة، مقدمة مساعدات إنسانية كبيرة للمتضررين من النزاعات في اليمن وسوريا. على الصعيد العالمي، استضافت قطر مؤتمرات للحوار بين الأديان، مثل منتدى الدوحة للحوار بين الأديان، الذي يجمع قادة دينيين من مختلف أنحاء العالم لتعزيز التفاهم المتبادل. إضافة إلى ذلك، قامت قطر بدور ريادي في دعم مبادرات التعليم العالمي من خلال مؤسسة قطر، التي تدعم مشاريع تعليمية في مناطق النزاع، ومبادرة "التعليم فوق الجميع" التي تسعى لتوفير التعليم للأطفال في المناطق المنكوبة.

 

هذه الأمثلة تؤكد التزام قطر بتعزيز السلام، مما يجعل الهجوم الإسرائيلي على أراضيها تهديداً مباشراً لجهود الوساطة الدولية. استهداف حي سكني في عاصمة دولة ذات سيادة يعيق مساعي الحوار ويزيد من تعقيد الوضع الإقليمي. نعرب عن استنكارنا لهذا الهجوم، الذي وصفته قطر بالإرهاب الرسمي، ونراه تحدياً لمبادئ السلام والتعاون الدولي.

قمة الدول العربية والإسلامية الطارئة، التي عُقدت في الدوحة يوم 15 سبتمبر 2025 برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عكست تضامناً قوياً مع قطر. شارك قادة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأصدرت القمة بياناً ختامياً استنكر الهجوم ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم حل الدولتين على حدود 1967 بعاصمة في القدس الشرقية. كما أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين براهم طاه، على أهمية وحدة المواقف العربية والإسلامية، وحث المجتمع الدولي على تعزيز السلام ومحاسبة المسؤولين عن التصعيد.

التضامن الإسلامي والدولي مع قطر واجب أخلاقي. دول مثل باكستان وألمانيا أعربت عن قلقها إزاء الهجوم، مما يبرز الحاجة إلى موقف دولي موحد لدعم الاستقرار. قطر، بتاريخها الحافل في بناء الجسور بين الأطراف المتصارعة، ستبقى رمزاً للسلام. يتعين علينا دعمها لتعزيز الحوار والعدالة، لبناء مستقبل يسوده التعاون والاستقرار، بعيداً عن التصعيد والعنف.