بقلم الدكتور باكري سامب
مؤسس ومدير معهد تمبكتو - المركز الأفريقي لدراسات السلام

في عالم يشهد تحولات جيوسياسية متنوعة، تبرز السنغال كوجهة استراتيجية للمستثمرين من العالم العربي، وخاصة دول الخليج التي تسعى إلى تنويع استثماراتها بعيدًا عن قطاع النفط. وتمتاز السنغال بكونها دولة صغيرة لكنها تحتل موقعا استراتيجيا بالغ الأهمية، وتتصف بالاستقرار والديناميكية حيث توفر فرصًا اقتصادية وثقافية فريدة، تعكس التوسع الناجح للمغرب في أفريقيا. بفضل ديمقراطيتها الراسخة ورؤية القيادات الثاقبة والتي تتلخص في خطة " السنغال 2050م"، تهدف البلاد إلى أن تصبح مركزًا اقتصاديًا إقليميًا، يجذب المستثمرين العرب بتوفيرهم بيئة أعمال آمنة وناجحة.

يقع ميناء داكار على منعطف الطرق البحرية، ويسهل الوصول إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي هي سوق تضم 424 مليون مستهلك. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 734.8 مليار دولار أمريكي (2023)، مع نمو في التجارة (15% داخل المنطقة في عام 2024، و64 مليار يورو مع الاتحاد الأوروبي). ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة تدرك هذا الواقع، ولذلك لقد استثمرت بجدية في مجال تطوير الموانئ.

وتُعدّ الزراعة، التي تُوظّف 70% من السكان، ركيزةً أساسيةً من ركائز الاقتصاد، كما تُوفّر مشاريع - مثل مشروع تطوير المباني السكنية وتعزيز انتقال الأماكن العشوائية إلى الحضر والذي بات معروفا بـ (Promoville2) (بقيمة 55.33 مليون يورو)- ما يبلع 1250 مزرعةً و180 وحدةً للثروة الحيوانية، مما يُتيح لدول الخليج فرصةً لتأمين إمداداتها الغذائية المُستدامة في السنوات القادمة. وتلعب المملكة العربية السعودية، التي تميّزت بدعمها المُستمر للسنغال، لا سيما في مجال بناء البنية التحتية ودعمها المالي المُستمر، دورًا محوريًا في هذا التوجه الجديد لتعزيز التبادلات الاقتصادية بين السنغال والعالم العربي.

وتستفيد دولتنا أيضا من سكانها الشباب والنشطين (60% منهم دون سن 25 عامًا) الذين يمتازون بالتوجه نحو الابتكار: ففي عام 2022، أنشأ 600 شابّ، درّبتهم منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، 138 مشروعًا زراعيًا. وتُعزّز استراتيجية السنغال الرقمية 2025 (بقيمة 1.7 مليار دولار أمريكي) قطاع التكنولوجيا الزراعية والشركات الناشئة، وتتيح فرصةً للاستثمار في قطاعٍ يُمكن لرأس المال الخليجي - المُنخرط في مجال التكنولوجيا - أن يزدهر فيه خلال العقد المُقبل. ويضاف إلى ذلك أنه في ظل التوترات والعراك بين الغرب وروسيا والصين، وانسحاب بعض الدول الأفريقية من المنظمة الإقليمية (إيكواس)، تُرسّخ السنغال مكانتها كشريك استراتيجي موثوق، مُنوّعةً تحالفاتها من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهذا مع الأخذ في الاعتبار أن أفريقيا، بما تتمتع به من إمكانات نمو، تُقدّم بديلاً استراتيجياً لدول الخليج لتنويع استثماراتها، وتقلل اعتمادها على الهيدروكربونات، والأسواق المتقلبة، والقيود الدولية.
على سبيل المثال، لم يعد يخفى على أحد أن دولة المغرب التي تستثمر حالياً في 40 دولة أفريقية تتبوأ الصدارة في قطاعات المصارف والاتصالات والأسمدة. وتُظهر اتفاقياتها مع السنغال في مجالات الزراعة والتدريب، إمكانات الشراكات العربية الأفريقية التي تُركّز على التنمية المشتركة.

وإذا أردنا مثلا آخر، يمكننا أخذه من الإمارات العربية المتحدة التي نرى أنها مثال يجب أن تحتذي به دول الخليج الأخرى، وذلك لأنها تتمتع بحضور اقتصادي أقوى في القطاعات الاستراتيجية. أما قطر - التي أثبتت بالفعل قدرتها على اختراق أسواق مُعقّدة حول العالم باستثمارات ضخمة في أوروبا والولايات المتحدة، والتي استفادت من دبلوماسيتها المؤثرة - فيمكنها توسيع نطاق هذه التجارب لتشمل أفريقيا، وخاصةً السنغال التي تصطاف كأحد شركائها الاستراتيجيين في القارة.

وإذا أعمقنا النظر، سنكتشف أن دول أفريقيا، وخاصة السنغال التي تعطيها التوقعات نموا قدره 6.1% في عام 2024، تُمثل أمام أنظار دول الخليج فرصةً لتنويع الاستثمارات في الصناعات الزراعية، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية. وتُعزز مبادراتٌ مثل الاقتصاد الأخضر في السنغال جاذبية هذه القطاعات، فضلا عن إمكاناتها الزراعية الهائلة، وشبابها المُبدع (138 شركة مُنشأة)، واستقرارها. وعلى ذلك، يجتمع لدينا كل الأدلة لنؤمن بأن السنغال تمثل بوابةً للعالم العربي إلى أفريقيا. ومن خلال اتباع نموذج المغرب، يُمكن لدول الخليج اغتنام هذه الفرصة لتعزيز الروابط الثقافية، ودعم رؤية السنغال 2050 لتحقيق الرخاء المشترك.

الدكتور باكري سامب – مدير معهد تمبكتو لدراسات السلام

يحتل المغرب العربي موقعًا محوريًا في مشروع التكامل الأفريقي الكبير المنشود الذي يشغل بال القادة، حتى وإن كان هناك مفارقة أو تناقضا كبيرا، وذلك لأن المنطقة تتمتع بموارد استراتيجية كبيرة غير أنها ما زالت من بين أقل المناطق تكاملًا وتماسكا في القارة، ولعل السبب يرجع إلى أمور كثيرة من أهمها التوترات المستمرة. لكن أيا كان الأمر، فإن المصالحة الدائمة بين دول المغرب العربي قد تكون الحافز الذي طال انتظاره للوحدة الأفريقية، لأن سكان هذه الدول البالغ عددهم 100 مليون نسمة، والمتمتعة بموارد وفيرة من الطاقة، وموقع جغرافي فريد بين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يمتلكون جميع المقومات لتصبح بلادهم مركزًا للاستقرار والنمو. وتُعد بنيته التحتية للموانئ والطرق من بين الأكثر تطورًا في القارة. وتُدرّب جامعاته آلاف المهندسين والمدراء سنويًا، ومع ذلك، لا تُمثل هذه المنطقة سوى 3% من التجارة البينية الأفريقية، وهو رقم ضئيل مقارنةً بإمكانياتها الحيوية لتنمية القارة. ويعود هذا الوضع في المقام الأول إلى الانقسامات السياسية التي تعيق أي تعاون معمق.

ويجسد إغلاق الحدود البرية بين دول المغرب العربي الرئيسية منذ عام 1994 هذا الوضع، ولا يزال اتحاد المغرب العربي الذي تأسس عام 1989 حبراً على ورق، مشلولاً بالخلافات والصراعات الجيوسياسية. وهذا الوضع لا يحرم شعوب المغرب العربي من آفاق التنمية فحسب، بل يُضعف أيضاً بشكل كبير صوت أفريقيا على الساحة الدولية.

ولهذا نرى أنه ستُسفر المصالحة المغاربية الحقيقية عن آثار إيجابية تتجاوز حدود المنطقة، في مجالات شتى. فمن الناحية الاقتصادية، ستُنشئ سوقاً متكاملة واسعة تُصبح بطبيعة الحال حلقة الوصل بين أفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا، وستجد الشركات الأفريقية فيها منصة مثالية للوصول إلى الأسواق الأوروبية، بينما سينجذب المستثمرون الأجانب إلى هذه المنطقة المُستقرة المُتجددة. وعلى الصعيد الأمني، سيُشكل تعزيز التعاون بين أجهزة الاستخبارات والجيوش المغاربية حصناً منيعاً ضد الجماعات الإرهابية والاتجار بجميع أنواعه، كما سيُحسّن الإدارة المشتركة لتدفقات الهجرة مع احترام الحقوق الأساسية.

ولتحقيق هذه المصالحة، لا بد من اتخاذ عدة خطوات: أولاً، بناء الثقة مثل إعادة فتح الحدود تدريجياً، وتطوير التبادل الأكاديمي والثقافي، وثانيًا تنفيذ مشاريع تكامل ملموسة، بما فيها ربط شبكات الكهرباء، وإنشاء ممرات عابرة للمغرب، وتوحيد اللوائح التجارية. وعلى نفس المنوال، يبدو إحياء اتحاد المغرب العربي على أسس جديدة أمرًا بالغ الأهمية، ويمكن لهذه المؤسسة أن تستلهم نموذج الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في غرب أفريقيا، من خلال تزويد نفسها بآليات وساطة فعالة وتبني نهج عملي قائم على القطاعات.

وللاتّحاد الأفريقي، من جانبه، دورٌ حاسم في دعم عملية المصالحة التي نحن بصددها، وذلك لأنه في الوقت الذي تسعى فيه أفريقيا إلى السيطرة على مصيرها في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية العالمية، لم تعد المصالحة المغاربية خيارًا بل ضرورة تمثل أكثر بكثير من مجرد تطبيع بسيط للعلاقات بين الجيران ، وتظل مُسرّعًا هائلًا للتكامل القاري، ودليلًا على قدرة أفريقيا على تجاوز انقساماتها لبناء مستقبل مشترك.

الدكتور باكري سامب، رئيس معهد تمبكتو لدراسات السلام

يتميز الصراع بين إيران وإسرائيل - الذي أوشك أن يتحول إلى حرب إقليمية في يونيو 2025م - بالهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في فوردو، ونطنز، وأصفهان، والقصف الأميركي بعملية "مطرقة منتصف الليل"، والانتقام الإيراني ضد القاعدة الأميركية في " العديد " بدولة قطر.

وبفضل الوساطة القطرية، أعلن الرئيس دونالد ترامب في 23 يونيو عن وقف إطلاق النار، مما يوحي بأنه ليس هناك أي مصلحة ولا لأي طرف، سواء أكان إيران، أو إسرائيل، أو دول الخليج، أو الولايات المتحدة في اندلاع حرب في الشرق الأوسط. ولعل الوعي المشترك بهذه الحقيقة هو الذي أملى باتفاقية إنهاء الحرب الذي وافق عليها كل إيران وإسرائيل بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن مجرد الإعلان عن الوقف لا يكفي، بل لا بد أن تتبع التصريحات بأعمال ملموس، علما بأنه إذا استمرت الهجمات من قبل إسرائيل أو إيران بعد هذه الهدنة، فقد يستأنف الصراع، مما يهدد المنطقة التي تقف بالفعل على شفا حريق هائل.

ومما لا يتناطح فيه كبشان أن إيران التي أضعفتها الضربات الموجهة إلى قدراتها الباليستية والنووية، لا تستطيع أن تخاطر بحرب شاملة، ونقول ذلك نظرا لضعف وكلائها من حزب الله والحوثيين اليمنيين والميليشيات العراقية، كما أن حليفيها من روسيا والصين لم يقدما سوى دعم محدود منذ بداية الصراع. إن أي هجوم إيراني جديد، و محاولة إغلاق مضيق هرمز، قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الداخلية، ويهدد بانهيار النظام المتنازع عليه بالفعل. كما أن استئنافها للأعمال العدائية سيكون بمثابة انتحار لإيران و للممالك الخليجية التي سوف تتأثر تأثرا اقتصاديا سيئا وقويا.

يتعين على إسرائيل، على الرغم من نجاحاتها الاستراتيجية النسبية، أن تتجنب هي أيضا الهجوم على إيران. إن الخسائر المسجلة في صفوف المدنيين في تل أبيب ورامات جان، إلى جانب الصورة المشوهة لدى المجتمع الدولي نتيجة أعمالها الجرائم المقترفة في غزة، تشارك في إضعاف مكانتها لدى دول العالم التي بدأ بعضها يرفض تماما الحرب ويدعو إلى محاكمة سلطاتها. إن التصعيد المطول من شأنه أن يهدد الاتفاقيات الإبراهيمية مع الإمارات وحتى البحرين، وقد يثبط عزيمة حلفاء إسرائيل الغربيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يعارض 60% من الجمهوريين التدخل العسكري الخارجي، كما أن من شأنه أن يعرض إنجازاتها للخطر، إضافة إلى تحقيق مكاسب دبلوماسية كبيرة.

وإذا تأملنا إلى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية المباشرة، نرى أن دول الخليج مثل قطر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان تعطي الأولوية للاستقرار في المنطقة؛ شرطًا أساسيًا لنجاح مشاريعهم الاقتصادية الحيوية. إن إغلاق مضيق هرمز، بسبب هجوم إيراني جديد، سيكون كارثيا بالنسبة لاقتصادات الدول المعتمدة على النفط، ولكن أيضا لجميع البلدان التي ستتضرر بشدة من ارتفاع أسعار النفط الخام. إن القواعد الأميركية في دول الخليج، مثل العديد، ستتعرض لهجومات ، لأن إيران ستحاول الانتقام بضربها، مما يؤدي إلى فتح مزيد من الجبهات في المنطقة، وهذا بغض النظر عن المشاريع الاقتصادية الأمريكية والخليجية الضخمة التي ستتعرض للخطر. ومنذ الاتفاق السعودي الإيراني عام 2023، اعتمدت هذه الدول بشكل متزايد على الدبلوماسية لتجنب التصعيد في المنطقة.

إن الولايات المتحدة في عهد ترامب تتجنب التدخل العسكري الأجنبي المكلف وغير الشعبي (53% من الجمهوريين يعارض التدخل). إن الحرب إذا استمرت سترتفع أسعار النفط وخسائر عسكرية محتملة في القواعد الأميركية الموجودة في دول الخليج، في الوقت الذي تتضرر أصلا بسبب منافستها مع الصين، والتي أصبحت واحدة من أهم التحديات الجيوسياسية بالنسبة لواشنطن.

إن وقف إطلاق النار الذي تمليه الواقعية المشتركة يظل هشًا ويجب على جميع الأطراف المعنية أن يحافظ على استمراره، لأن المزيد من الهجمات التي تشنها إسرائيل أو إيران ــ سواء كانت ضربات على مواقع استراتيجية أو استفزازات لفظية ــ قد يؤدي إلى تحطيم هذه الهدنة - الهشة - وإدخال المنطقة في الفوضى. ويجب على الأطراف الفاعلة إعطاء الأولوية للدبلوماسية، بدعم من وسطاء مثل قطر وعمان، لتعزيز السلام في هذه المنطقة حيث أن اندلاع حرب جديدة سيكون كارثيا على الشرق الأوسط والسلام العالمي.

The eastern regions of Senegal, which border on Mali and Mauritania, face socio-economic, security and climatic challenges that could have an impact on community resilience. Strengthening community resilience is therefore becoming a strategic issue, not only for Senegal but also for neighbouring countries, given the socio-cultural continuum and shared challenges. With this in mind, from 22 to 25 April 2025, the Timbuktu Institute, in partnership with the Konrad Adenauer Foundation and with the support of the European Union, conducted dialogue sessions in the departments of Goudiry, Tambacounda and Koumpentoum. These awareness-raising sessions and dialogues aimed at civil society players in all their diversity and the security and defence forces (FDS) provided an opportunity to hold a series of dialogues involving the FDS, Badiénou Gox, community leaders, etc., with a view to taking joint and concerted action to strengthen social cohesion and living together.

From the four days of dialogue and collective reflection sessions held in the departments of Goudiry, Tambacounda and Koumpentoum by the Timbuktu Institute, under the guidance of Dr Bakary Sambe, it is possible to highlight a series of major cross-cutting observations, which project an overall picture of the dynamics, challenges and prospects of local communities. First of all, in all three departments, the community players (badiene gox, teachers, community leaders and FDS) showed great involvement in mediation, conflict prevention and strengthening the social fabric, as evidenced by the often lively and sometimes passionate discussions. This participation is proof of a local commitment to building peace and perpetuating social cohesion by relying on local mechanisms such as customary mediation and joking cousinage. As Augustin Ndecky, a teacher from Tambacounda, points out, "the border is not just a physical space, it is also a social space. Often, the first borders that arise between us are social, that is to say between communities, social groups, families and ethnic groups". Nevertheless, mutual incomprehension and even tensions between the communities and the FDS remain a major common challenge. Despite attempts at collaboration, a climate of mistrust remains. This atmosphere, which is exacerbated by the lack of regular opportunities for dialogue and exchange of mutual perspectives, or security practices that communities struggle to understand and appropriate, limits the ability of the FDS to benefit from useful community collaboration, which is essential for security prevention. "We must remember that our country is an island of stability in an ocean of instability, in this case the sub-region. That's why community and intercultural dialogue, socio-economic inclusion and sustainable collaboration between the population and the FDS must be a constant", says Bakary Sambe, President of the Timbuktu Institute. Moreover, adds Mr Diouf - commander of Tambacounda - ‘there can be no peace without security, and there can be no security without the involvement of the people, who must understand that we are with them and that we are all Senegalese’.

From Goudiry to Koumpentoum, via Tambacounda, community players have never ceased to stress the importance of education as an essential lever for resilience. With this in mind, teachers emerged as a crucial pillar, not only in academic training, but also in the transmission of the values of tolerance, citizenship and peace. Many participants also stressed the need to reinstate civic and moral education in school curricula and to provide better training for educators in the prevention of violent extremism. In addition, three pillars appear to be essential for building social cohesion in the Tambacounda region: restoring trust between the population and the FDS, strengthening education for young people in civics and citizenship, and taking account of local mechanisms in conflict prevention strategies. The community dialogues held in Goudiry, Tambacounda and Koumpentoum have highlighted resilient communities that have come up with solutions, but unfortunately still face a degree of socio-economic marginalisation. "Unfortunately, when we talk about borders in Senegal, the reality is that we often end up talking about vulnerability. Quite a few people living in these areas struggle to feel fully Senegalese. That's why, for the past few years, the State has been tackling this issue head on in its public policies, with the aim of ensuring territorial equity", says Alioune Badara Mbengue, Prefect of Tambacounda.

Building resilience together

In fact, these dialogue sessions helped to highlight two central facts. On the one hand, there is a remarkable local desire for resilience, provided that community involvement receives structural and institutional support and that endogenous mechanisms are recognised as being worthy of prospects for lasting solutions. On the other hand, in a region marked by a cross-border threat and ongoing fragility, these exchanges, which took place under the banner of active listening, participation and openness, show that it is possible and necessary to revive civic awareness and the sense of national belonging, to strengthen the links between the population and the FDS, and to support the pivotal role of women - in this case the badiene gox - community leaders and teachers in conflict management. ‘Even if their work suffers from a lack of institutional support and insufficient resources, the badiene gox regularly intervene in marital conflicts, the fight against gender-based violence (GBV), juvenile violence, community health, etc.’ said Assa Sidibé, first deputy mayor and badiene gox in Koumpentoum. The badiene gox are recognised in unison as key players in social mediation.

These dialogue sessions are a further reminder of the need to move away from vertical solutions that are disconnected from local realities, and to make way for resilience that is co-designed and co-constructed with local communities, respecting their endogenous knowledge and cultural diversity. It is therefore clear that there is an urgent need to step up coordinated support from the various players (the State, local authorities, CSOs and TFPs) to create the conditions for equitable, inclusive and sustainable development in the regions of eastern Senegal.

 

Kensio Akpo

 

 

By Dr. Bakary Sambe, President of the Timbuktu Institute - African Center for Peace Studies

Relations between Mauritania and Senegal, rooted in geographical, cultural and historical proximity, have been strengthened by the development of hydrocarbons as a strategic lever, notably through the Grand Tortue Ahmeyim (GTA) gas project. The recent joint visit by Mauritanian President Mohamed Ould Cheikh El Ghazouani and Senegalese President Bassirou Diomaye Faye to the GTA platform on 22 May 2025 marks a decisive step in this partnership. This event, combined with energy issues and regional challenges, underlines the need to strengthen bilateral cooperation for common and sustainable development.

The Grand Tortue Ahmeyim field is an emblematic regional cooperation project. Discovered in 2015 by Kosmos Energy, it contains around 450 billion cubic metres of gas, exploited by BP, Kosmos, Société mauritanienne des hydrocarbures (SMH) and Petrosen.

Since the start of production in January 2025 and the first export of liquefied natural gas (LNG) in April 2025, the GTA has propelled the two nations into the ranks of LNG exporting countries in Africa. With planned production of 2.5 million tonnes a year, the project promises significant revenues, shared equally (50-50) under the 2018 agreement. All observers note the two countries' commitment to managing this resource in a transparent and balanced manner. According to the joint press release, the latest meeting between the two heads of state marked ‘a major step forward in energy cooperation’ between Mauritania and Senegal. The Mauritanian President also stressed the equitable nature of this partnership, underlining the shared desire to maximise the benefits for the populations of both countries.

The joint visit on 22 May 2025 is part of a series of high-level exchanges that demonstrate the two countries' desire to consolidate their relations. On 18 April 2024, the newly elected President Faye chose Mauritania for his first official visit abroad. Another meeting, on 11 November 2024 in Riyadh on the sidelines of the Organisation of Islamic Cooperation (OIC) summit, also enabled the two leaders to reaffirm their commitment to intensifying coordination on regional and international issues, including the management of the AWG.

If Mauritania and Senegal are to maximise the benefits of gas development and consolidate their partnership, it is imperative that they deepen their cooperation. Transparent and crucial governance of the gas project is essential. The creation of a Senegal-Mauritania secretariat, mooted in 2025, could institutionalise coordination and strengthen cooperation. Given the stakes involved, both countries need to invest more in training and infrastructure to transform revenues into sustainable development, particularly through sectors such as petrochemicals and energy. Similarly, past tensions, such as those relating to fishing, call for more concerted management of shared resources to avoid potential conflicts. But there is no doubt that the historical and cultural dimension of this relationship is a guarantee of sustainability in addition to the shared economic stakes. Over and above hydrocarbons and shared economic interests, relations between Mauritania and Senegal are above all spiritual and cultural. These relations, which have survived all previous temporary crises, are constantly fortified by a common foundation that draws its sources from the depths of our shared history.

الدكتور باكري سامب/ مدير معهد تمبكتو لدراسات السلام

منذ عدة عقود، اشتعلت نار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كركيزة أساسية للصراع العربي الإسرائيلي، و تفاقمت بفعل التصعيد الحالي للتوترات بين إسرائيل وإيران إلى حد غياب الأمل في رجوع السلام والمصالحة. ومع الهجومات الإسرائيلية على الأهداف المرتبطة بإيران في سوريا ولبنان، ودعم طهران لحماس وحزب الله، والدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، تحولت القضية الفلسطينية إلى صراع جيوسياسي أوسع نطاقًا وأبعد مدى مما كانت في السابق. ورغم المبادرات الدبلوماسية الجريئة والوساطة الدولية التي بادرتها بعض الدول والمنظمات، تبددت فرص السلام باستمرار، وقوضتها الخلافات العميقة والعنف وانعدام الثقة المستمر. ويمكن إعادة النظرة إلى بعض الوقائع التاريخية لفهم هذه الفرص الضائعة التي لا تزال تشوه وجه المنطقة الخائضة في أزمة دائمة :

في عام 1947، العرب الذين عارضوا قيام دولة إسرائيل رفضوا خطة التقسيم التي اقترحتها الأمم المتحدة بقصد قيام دولتين في أرض فلسطين، وأدت حرب عام 1948 والنكبة، التي هجّرت 700 ألف فلسطيني، إلى ترسيخ انقسام دائم. في عام 1967، أتاحت حرب الأيام الستة فرصة جديدة بصدور القرار 242، الذي طالب بانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة مقابل السلام؛ إلا أن غموض القرار ورفض العرب التفاوض مباشرة، وبدء الاستعمار في الضفة الغربية، حطم هذا الأمل. كما مثّلت اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 نقطة تحول إذ وُقّعت اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر، لكن الفلسطينيين الغائبين عن المناقشات ظلّوا مطروحين في ظلال التهميش. وافتتح مؤتمر مدريد (1991) حوارًا غير مسبوق، لكنه واجه خلافات مستمرة. في عام 1993، أحيت اتفاقيات أوسلو الأمل بوعد قيام دولة فلسطينية، إلا أن استمرار الاستعمار الإسرائيلي، واغتيال إسحاق رابين عام 1995، وهجمات حماس، أشعلت شرارة الانتفاضة الثانية (2000-2005)، وخيبت هذا الحلم.

وكان عام 2000 لحظة محورية أخرى، وذلك لأنه في كامب ديفيد، اقترح إيهود باراك دولة فلسطينية تغطي 91٪ من الضفة الغربية وغزة، لكن ياسر عرفات رفض، مطالبًا بالمزيد في القدس واللاجئين. هذا الفشل الذي أعقبه موجة من العنف كان السبب الحقيقي في دفن المفاوضات.

حاولت خريطة الطريق الرباعية (2002) ومبادرة جنيف (2003) إحياء العملية، لكن الاستعمار والتعنت من كلا الجانبين - شارون في إسرائيل، والانقسامات بين فتح وحماس - أعاقت هذه الجهود. في عام 2020، أدت خطة ترامب المؤيدة لإسرائيل واتفاقيات إبراهيم، التي تطبع العلاقات مع العديد من الدول العربية، إلى تهميش الفلسطينيين، الذين رفضوا الصفقة واعتبروها اقتراحًا غير متوازن.

منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، والرد اللاحق في غزة، والذي خلف أكثر من 27000 قتيل في فلسطين أكثرهم أطفال ونساء، وفقًا لوزارة الصحة المحلية، تعثرت محادثات وقف إطلاق النار ولاقت فشلا ذريعا. ويضاف إلى ذلك أن المطالب المتضاربة - تدمير حماس لإسرائيل، والانسحاب الكامل للفلسطينيين - تعيق أي تقدم، مما يشير إلى أنه على المدى القصير، يبدو السلام بعيد المنال، لا سيما وأن التنافس الإسرائيلي الإيراني، الذي اتسم بالضربات والحروب بالوكالة، يُغذي عدم الاستقرار. ويمكن للضغط الدولي، لا سيما من الأمم المتحدة والدول العربية المعتدلة، أن يُنعش المبادرات القائمة على حل الدولتين، علما بأنه على المدى الطويل، سيتطلب التوصل إلى تسوية نهائية تنازلات شجاعة تشمل ما يلي : إنهاء النشاط الاستيطاني، والاعتراف المتبادل، والوساطة المحايدة. ربما تستطيع الأجيال الشابة، التي سئمت الوضع الراهن، أن تُقدم زخمًا متجددًا، لكن التغلب على إرث انعدام الثقة والألم، الذي تضخم بفعل التوترات الإقليمية، لا يزال يُشكل تحديًا هائلًا.

تتجذر هذه الإخفاقات في عدة ثوابت: الخلافات حول القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات؛ والعنف المتطرف الصادر من كلا الطرفين؛ والانقسامات الداخلية؛ والتدخل الخارجي، مثل الدعم الإيراني لحماس، مما جعل السلام صعب المنال، واليوم، لا يزال سكان غزة يعيشون تحت تصبب القصف، ويواجهون وضعًا إنسانيًا مأساويًا. إن هذه المعاناة الصعبة والمؤسفة، والتي تفاقمت اليوم بفعل خطر التصعيد غير المسبوق، يجب أن تدفع المجتمع الدولي إلى إيجاد حل لهذا الصراع الذي طال أمده.

فبدون حل نهائي له، سيظل العالم اليوم بعيدًا كل البعد عن ضمان السلام والأمن، مما يترك المنطقة - وما وراءها - في حالة من عدم الاستقرار المزمن، ويبقى سؤال جوهري: كم من الوقت والموت والدمار والأزمات والصراعات المتواصلة سيمر قبل أن نلتقي مجددًا مع التاريخ ومع السلام؟

Page 1 sur 111